نموذجان من شدة زهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الدنيا

بسم الله الرحمن الرحيم

عن نافع قال: سمعت ابن عمر يحدث سعيد بن جبير قال: بلغ عمر بن الخطاب أن يزيد بن أبي سفيان كان يأكل ألوانا من الطعام، فقال عمر لمولى له يقال له يرفأ: إذا علمت أنه قد حضر عشاؤه فأعلمني. فلما حضر عشاؤه أعلمته، فأتاه عمر فسلم واستأذن، فأذن. وقرب عشاؤه، فجاءه بثريدة بلحم فأكل معه عمر، ثم قرب شواء فبسط يزيد يده وكف عمر يده ثم قال: بالله يا يزيد بن أبي سفيان أطعاما بعد طعام؟ والذي نفس عمر بيده لئن خالفتم عن سنتهم ليخالفن بكم عن طريقهم”. رواه ابن المبارك في الزهد، وابن أبي الدنيا في إصلاح المال وابن شبة في أخبار المدينة وابن عساكر في تاريخ دمشق بسند حسن. وهذا ليس تحريما من عمر رضي الله عنه لأكل ألوان الطعام ولكن تذكير بعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه من شظف العيش، وقلة الطعام، إيثارا للباقية على العاجلة. ويزيد بن أبي سفيان صخر بن حرب الأموي من الصحابة الأجلاء، وأمراء الأجناد بالشام، ولاه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فلما توفي أبو بكر رضي الله عنه ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلسطين وما حولها، ثم صار أميرا على الشام بعد وفاة أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما، ثم مات بعدهما بيسير إما سنة 18 أو 19 رضي الله عنه. ونحو ما سبق ما ثبت عن حذيفة رضي الله عنه قال: أقبلت فإذا الناس قعود بين أيديهم قصاع , فدعاني عمر فأتيته فدعا بخبز غليظ وزيت. فقلت له: أتمنعني أن آكل الخبز واللحم؟ ودعوتني إلى هذا؟ قال: «إنما دعوتك على طعامي , وهذا طعام المسلمين». رواه الإمام أحمد في الزهد، وابن أبي الدنيا في إصلاح المال بسند صحيح. فاللهم أصلح أحوالنا، واغفر لنا وارحمنا، واختم لنا برحمتك ومغفرتك ورضوانك، وعافنا واعف عنا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

كتبه: أسامة بن عطايا العتيبي
15/ شوال / 1437 هـ

http://m-noor.com/showthread.php?t=17077